الخميس، 19 يوليو 2012


[عتبات النص في الرواية العربية]

رسالة دكتوراه بكلية الآداب جامعة الزقازيق ينال صاحبها مرتبة الشرف الأولى
في جامعة الزقازيق وفي قاعة المؤتمرات بكلية الآداب تحديداً كانت مناقشة رسالة الدكتوراه الأولى من نوعها في مصر من الباحث عزوز علي إسماعيل, والتي حملت عنوان " عتبات النص في الرواية العربية " وقد دامت لخمس ساعات كاملة. وتكونت لجنة المناقشة من الأستاذة الدكتورة نجوى عانوس مشرفاً والأستاذة الدكتورة ثناء أنس الوجود كلية الآداب جامعة عين شمس والأستاذ الدكتور سعيد الوكيل كلية الآداب جامعة عين شمس. وقد أشار الباحث في مستهل المناقشة أنه قد عايش واقعاً حقيقياً يتمثل في علم جديد يلوح في الأفق, وهو " علم العتبات " ويتمنى من الله تعالى أن تكون هذه الدراسة هي فاتحة هذا العلم, ويكون هو العلم الوليد الذي يتفرع منه علوم أخرى, نحو علم العنونة وعلم الإهداءات وعلم المقدمات وعلم النهايات وعلم الخواتيم, وعلم الأغلفة ورؤية الفنان للعالم, وأن تسعى المناهج النقدية الحديثة إلى استكشاف هذا العلم الجديد من خلال مقاربته.
وأشار الباحث كذلك إلى أنه قد استطاع بفضل الله تعالى, وبعد عامٍ من الاستعداد لإنشاء مجلةٍ أدبيةٍ نقديةٍ دوريةٍ مُحَكَّمةٍ تختصُّ بعلم العَتَبَات, ويطلق عليها مجلة "عتبات " وهو ما قام الباحث بالفعل بإنشائها مع نخبة من النُّـقاد العرب وصدر العدد الأول إلكترونياً في الذكرى الأولى للثَّورة المصرية في 25 يناير 2012 ويسعى الباحث الآن من أجل إدراجها ضمن مطبوعات الهيئة المصرية العامة للكتاب, بعد أن عرضها على وزير الثَّقافة, وبمباركة الدكتور صلاح فضل, والأستاذ جمال الغيطاني وغيرهما من الأدباء والنقاد في العالم العربي والغربي. فنظراً لتعمق الباحث في دراسة العتبات, ونظراً للاطلاع على كل ما كتب عن العتبات, فقد وجد الباحث الحاجة ماسَّـةً إلى تلك الدَّورية العربية والتي تحمل في طياتها الكثير, و لن َتقِلَّ بأي حال من الأحوال عن مجلة فصول المصرية, أو علامات السُّعودية, أو علامات المغربية أو حتى " اقرأ " أو " الشِّعرية, " الفرنسيتين , وإذا ما تحقق ذلك ـ وهو ما يسعى إليه الباحث بكلِّ إصرارٍ ـ  فإنَّه سيكون من أهم نتائج هذا البحث, الذي ذاق فيه الباحث الأمرين, وقد عرض الباحث الأمر على وزير الثقافة المصري في ذلك الوقت الدكتور شاكر عبد الحميد والذي أراد إرجاء إنشاء المجلة إلى فترة من الزمن, ولكن أصرَّ الباحث أن تخرج للنُّور وقد حدث. وكلُّ شيء قد تم توثيقه, وهي موجودة الآن على هذا الموقع الالكتروني www.azozaliaboeqal.com  أو على الرابطين الآتيين تحت عنوان مجلة عتبات الثقافية
http://azozaliesmaelaboeqal.blogspot.com
http://azozaliaboeqal.blogger.com

2- ولم تتوقف نتائج ذلك البحث عند هذا الحد بل شرع الباحث بعمل معجم خاص بعتبات النصوص يحوي ما يقارب مائتي مصطلح من مصطلحات عتبات النصوص.
وفي النهاية منحت اللجنة الباحث درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى

قدم الباحث ملخصاً للرسالة ذكر فيه أن الربعُ الأخيرُ من القرن الماضي قد شَهِدَ حركةً نقديةً رائدةً, تجلَّـت في البحثِ عن عتباتِ النصوص ومقاربتِها, ولفت الانتباه إلى النصِّ الموازي؛ سواءً أكان الداخلي منه أم الخارجي؛ في الغرب كان أم في الشرقِ. ذلك أنَّ النصَّ الموازي يقدِّمُ تصوراً أولياً يُسعف النظريةَ النقديةَ في التحليل, وإرساءِ قواعدَ جديدةٍ تُلقي بظلالها على النصِّ نفسِه لدراسةِ الخطابِ الروائي. ونظراً لأهميةِ عتباتِ النصوصِ, فقد أصبحتْ الحاجَـةُ ملحةً في استكشافها وسَـبْر أغوارها؛ ومن ثمَّ فقد أخذ الباحثُ على عاتقه دراسة عتباتِ النصوصِ, لمعرفة ذلك المكنون الخفي فيها وإشاراتِها ووظائِفها ومدى علاقاتها بالبنيةِ السَّردية للأعمال الروائية. إلا أنَّ ذلك لم يكنْ بالأمر الهين. فقد واجه الباحثُ صعوباتٍ جمةً, تكمنُ في قلة الموارد النقديةِ الخاصةِ بالعتبات؛ حيث إنَّ عتبات النصوص لم تأخذْ حقَّها من الدِّراسة والبحث, ولا تُوجَـدُ دراساتٌ كافيةٌ عنها, إذا ما قُورنتْ بالدِّراسات النَّقْدية الأخرى, الأمر الذي يحتاجُ من الباحثين خوضَ غِمَارِ هذه التَّجربة, متسلحين ـ في الوقت نفسه ـ بالآراء النَّقديةِ القديمةِ والحديثةِ؛ في ظلِّ المناهج العصرية, ذلك أنَّ دراسةَ العتباتِ في هذا الوقتِ ستُعيد صياغةً أخرى للشِّعرية؛ لأنَّ الشِّعرية تتغيرُ وتتطورُ وفق تغير وتطور المكان والزمان, وكلما تقدَّمتْ الدِّراساتُ النَّقديةُ تقدَّمَتْ معها الشِّعريةُ, وهي موضوعُ العتبات. فبعد أن عجزت البلاغةُ القديمةُ عن مسايرةِ النصوصِ وتفسيرها أصبحت الشِّعريَّةُ هي الملاذُ الآمن لمعرفة السُّـبلِ التي تساعدُ على فكِّ طلاسم النصوص وعتباتها. ليس ذلك فحسب, بل إنَّ جلَّ الدراسات التي تناولت عتبات النصوص في العصر الحديث كانت في الغرب الأمر الذي تطلب من الباحث ترجمتها وأخذ أجزاء منها للتدليل على ما يقول, لإثبات أو نفي بعض النظريات, وهو ما مثَّل بعض الصعوبات.

وقد ذكر الباحث في المقدمة أسباب اختياره لهذا الموضوع والدراسات السابقة عليها, ذلك أن دراسة العتبات أصبحت أمراً ضرورياً, خاصة مع وجود الشعرية, والتي تجلت في النصف الثاني من القرن الماضي بعد أن عجزت البلاغة القديمة عن مسايرة النصوص وفك طلاسمها, فأصبحت الشعرية هي موضوع العتبات. وضمت المقدمة كذلك الاتجاه النقدي وهو الاتجاه السيميولوجي؛ ذلك الاتجاه الذي يختصُّ بعلم الإشارات والعلامات؛ وهو من أنسب المناهج التي يمكن استخدامها في مثل هذه الدراسة؛ ذلك أن السيميولوجيا تبحث العلامات في الحياة الاجتماعية وغيرها, ومن هنا جاء الاهتمام بذلك الاتجاه النقدي, الذي ساعد في معرفة حياة العلامات والإشارات في عتبات النصوص, والتي تمثلت في العنوان, الغلاف, المقدمة, التنويه, التمهيد, الخاتمة, الهوامش, التذييلات, التنبيهات, تعليق الناشر..
وقد اختارت الدراسة  مجموعة من الروائيين من أقطار عربية مختلفة, ومن هؤلاء, جمال الغيطاني في دفاتر التدوين" نثار المحو " ليلى العثمان في  "صمت الفراشات". واسيني الأعرج في "سيدة المقام" و"طوق الياسمين" رضوى عاشور في " قطعة من أوربا " وبهاء طاهر في  "واحة الغروب". وفاضل السباعي في رواية " الطبل ". وكان لاختيار هذه النخبة أنها ممن نالوا جوائز مرموقة في العمل الروائي, وأن بصماتهم واضحة في العالم العربي.
و جاء التمهيد لكي يمهَّد للموضوع من ناحية تبيان العتبات في النقد القديم والحديث, وللتدليل على احتفاء العرب قديماً بعتبات النصوص, كما هو الحال عند المقريزي , والكلاعي وأبي بكر الصولي وغيرهم, وتناولت الدراسة  إشكالية المصطلح وأسباب عدم تعريبه تعريباً متفقاً عليه, وكيف أنه لا بد من أن تكون هناك مؤسسة علمية عربية ترعى ترجمة تلك المصطلحات الجديدة على اللغة, نحو مصطلح le paratxte , والذي ترجم إلى النص الموازي. وقد تناولت الدراسة تعريفات العتبات عند معظم النقاد في العصر الحديث, واستخلصت تعريفاً خاصاً بها, وهو أن عتبات النصوص هي مجموعة من النوافذ والتنبيهات, والخادمات, والمنطلقات والإضاءات والمقدمات التي تفضي إلى نتائج حتمية؛ نتيجة التلاقح بينها وبين النص, وهي أيضاً الرسائل التي تطوف باستمرار حول جسد النص؛ محدثة به تغيير. هذا التغيير تحكمه المقاربات التفسيرية لتلك العتبات, وما يقوم به المتلقي من فك شفراتها.
وتأتي فصول الدراسة ومباحثها بعد التمهيد؛ فالفصل الأول حمل عنوان " العنوان" لتقوم الدراسة بمعرفة المعنى المعجمي عند كل عنوان رواية وإشارة ذلك العنوان ووظيفته وعلاقته بالمقاطع السردية. وكيف أن العنوان هو بوابة العمل الروائي, فمن خلاله تُفتح أبواب النص المغلقة, وتُستقى بعض المعلومات الخاصة بالعمل الروائي, ومن خلاله أيضاً ًيُنَفّض الغبار عنه, فهو الشارح لما يدور من أحداث داخل الرواية, وهو القادر على احتواء العمل بأكمله من خلال مخزونه الاقتصادي فالقارئ يبدو أحياناً مبهوتاً بالعنوان, ولكن حينما يعرف مقصدَه وإشاراتِه ووظيفتَه ينفرج ذلك البهوت, حتى ولو لم يرتبط بالعمل, أي أن يحمل العمل عنواناً لا يمت للعمل بصلة؛ لأن العنوان هو أول ما يواجه المتلقي من العتبات التي تحمل له مزيداً من الثقافة العنوانية, والتي تفتح له بعض الأفق الخاصة بالعمل الإبداعي فكل عنوان هو  مرسلة massage صادرة من مرسل adress إلى  مرسل إليه Adressee, وهذه المرسلة محمولة على أخرى هي "العمل" . ومن هنا, فقد أصبح العنوان في هذه الأوقات ذا أهمية تضاف إلى أهميته الأولى وأن أهميته الحالية, تكمن في أنه أصبح متمرداً على نفسه وأراد أن يجد له مكاناً على أرفف المكتبات بعد أن كان مهمشاً فأضحى عتبة ذات أهمية من خلال وظيفته الإعلامية والإشارية والتسويقية وغيرها, ومدى علاقته بالمقاطع السردية.
 أما الفصل الثاني فقد اختص" بالإهداء " وفيه يتعرف الباحث المعنى المعجمي وإشارات الإهداء ووظيفته, وعلاقته بالرواية, ذلك أن الإهداء من العتبات التي لم تدرس من قبل. فالإهداء يشير إلى التقدير من المُهدي إلى المهدى إليه ومدى صدق المشاعر تجاه الآخر؛ سواء أكان هذا الإهداء مطبوعاً على الصفحة أو أن يقوم المُهدي بكتابته على ما يهدى به من كتاب ونحوه, وهنا أيضاً يشير الإهداء إلى الارتباط بين المهدي والمهدى له, وقد درج بعض الروائيين على تصدير رواياتهم بالإهداء المعنوي إلى أحب الناس إليهم؛ أو لمن قدم لهم معروفاً, فالإهداء أصبح عتبة للتقارب بين الكاتب ومن يُهدى له العمل, سواء أكان الإهداء عامة أو خاصاً.
وجاء الفصل الثالث حاملاً عنوان " الغلاف " وقد انصبت الدراسة على إشارة الغلاف ووظيفته وعلاقته بالرواية من خلال المقاطع السردية الواردة فيها؛ حيث إن الغلاف أصبح علامة حضارية؛ خاصة بعد دخول عصر الطباعة, وأصبحت هناك رؤية خاصة لكل فنان تشكيلي يصمم الغلاف. وقد يرتبط الغلاف بالعمل نفسه من خلال التصوير الواقعي المعبر عما في الرواية, أو أن يلجأ الفنان إلى التجريد وبالتالي توجد أغلفة لا تمتُ إلى العمل بأية صلة؛ ومن هنا فإن دراسة الفن شيء أساسي لدراسة الأدب, فهو الممهد لمعرفة الذوق, وهي الأرض التي يستطيع فيها الإنسان الأديب أن يرسم لوحاته الأدبية من خلالها, ليصبح هناك خطاب غلافي لما يحويه الغلاف من اسم المؤلف والعنوان والتشكيل الجمالي لصفحته, من خلال الرسمة التي تتصدر العمل, وبالتالي فإن الغلاف وما يحويه يضم رؤية لغوية وإشارة بصرية.
ثم يأتي الفصل الرابع والأخير والذي حاول فيه الباحث مقاربة " المقدمة والتصدير والمدخل والهوامش والتنويهات والإرشادات ووظائفها وعلاقاتها بالروايات محل البحث.



[عتبات النص في الرواية العربية]

رسالة دكتوراه بكلية الآداب جامعة الزقازيق ينال صاحبها مرتبة الشرف الأولى
في جامعة الزقازيق وفي قاعة المؤتمرات بكلية الآداب تحديداً كانت مناقشة رسالة الدكتوراه الأولى من نوعها في مصر من الباحث عزوز علي إسماعيل, والتي حملت عنوان " عتبات النص في الرواية العربية " وقد دامت لخمس ساعات كاملة. وتكونت لجنة المناقشة من الأستاذة الدكتورة نجوى عانوس مشرفاً والأستاذة الدكتورة ثناء أنس الوجود كلية الآداب جامعة عين شمس والأستاذ الدكتور سعيد الوكيل كلية الآداب جامعة عين شمس. وقد أشار الباحث في مستهل المناقشة أنه قد عايش واقعاً حقيقياً يتمثل في علم جديد يلوح في الأفق, وهو " علم العتبات " ويتمنى من الله تعالى أن تكون هذه الدراسة هي فاتحة هذا العلم, ويكون هو العلم الوليد الذي يتفرع منه علوم أخرى, نحو علم العنونة وعلم الإهداءات وعلم المقدمات وعلم النهايات وعلم الخواتيم, وعلم الأغلفة ورؤية الفنان للعالم, وأن تسعى المناهج النقدية الحديثة إلى استكشاف هذا العلم الجديد من خلال مقاربته.
وأشار الباحث كذلك إلى أنه قد استطاع بفضل الله تعالى, وبعد عامٍ من الاستعداد لإنشاء مجلةٍ أدبيةٍ نقديةٍ دوريةٍ مُحَكَّمةٍ تختصُّ بعلم العَتَبَات, ويطلق عليها مجلة "عتبات " وهو ما قام الباحث بالفعل بإنشائها مع نخبة من النُّـقاد العرب وصدر العدد الأول إلكترونياً في الذكرى الأولى للثَّورة المصرية في 25 يناير 2012 ويسعى الباحث الآن من أجل إدراجها ضمن مطبوعات الهيئة المصرية العامة للكتاب, بعد أن عرضها على وزير الثَّقافة, وبمباركة الدكتور صلاح فضل, والأستاذ جمال الغيطاني وغيرهما من الأدباء والنقاد في العالم العربي والغربي. فنظراً لتعمق الباحث في دراسة العتبات, ونظراً للاطلاع على كل ما كتب عن العتبات, فقد وجد الباحث الحاجة ماسَّـةً إلى تلك الدَّورية العربية والتي تحمل في طياتها الكثير, و لن َتقِلَّ بأي حال من الأحوال عن مجلة فصول المصرية, أو علامات السُّعودية, أو علامات المغربية أو حتى " اقرأ " أو " الشِّعرية, " الفرنسيتين , وإذا ما تحقق ذلك ـ وهو ما يسعى إليه الباحث بكلِّ إصرارٍ ـ  فإنَّه سيكون من أهم نتائج هذا البحث, الذي ذاق فيه الباحث الأمرين, وقد عرض الباحث الأمر على وزير الثقافة المصري في ذلك الوقت الدكتور شاكر عبد الحميد والذي أراد إرجاء إنشاء المجلة إلى فترة من الزمن, ولكن أصرَّ الباحث أن تخرج للنُّور وقد حدث. وكلُّ شيء قد تم توثيقه, وهي موجودة الآن على هذا الموقع الالكتروني www.azozaliaboeqal.com  أو على الرابطين الآتيين تحت عنوان مجلة عتبات الثقافية
http://azozaliesmaelaboeqal.blogspot.com
http://azozaliaboeqal.blogger.com

2- ولم تتوقف نتائج ذلك البحث عند هذا الحد بل شرع الباحث بعمل معجم خاص بعتبات النصوص يحوي ما يقارب مائتي مصطلح من مصطلحات عتبات النصوص.
وفي النهاية منحت اللجنة الباحث درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى

قدم الباحث ملخصاً للرسالة ذكر فيه أن الربعُ الأخيرُ من القرن الماضي قد شَهِدَ حركةً نقديةً رائدةً, تجلَّـت في البحثِ عن عتباتِ النصوص ومقاربتِها, ولفت الانتباه إلى النصِّ الموازي؛ سواءً أكان الداخلي منه أم الخارجي؛ في الغرب كان أم في الشرقِ. ذلك أنَّ النصَّ الموازي يقدِّمُ تصوراً أولياً يُسعف النظريةَ النقديةَ في التحليل, وإرساءِ قواعدَ جديدةٍ تُلقي بظلالها على النصِّ نفسِه لدراسةِ الخطابِ الروائي. ونظراً لأهميةِ عتباتِ النصوصِ, فقد أصبحتْ الحاجَـةُ ملحةً في استكشافها وسَـبْر أغوارها؛ ومن ثمَّ فقد أخذ الباحثُ على عاتقه دراسة عتباتِ النصوصِ, لمعرفة ذلك المكنون الخفي فيها وإشاراتِها ووظائِفها ومدى علاقاتها بالبنيةِ السَّردية للأعمال الروائية. إلا أنَّ ذلك لم يكنْ بالأمر الهين. فقد واجه الباحثُ صعوباتٍ جمةً, تكمنُ في قلة الموارد النقديةِ الخاصةِ بالعتبات؛ حيث إنَّ عتبات النصوص لم تأخذْ حقَّها من الدِّراسة والبحث, ولا تُوجَـدُ دراساتٌ كافيةٌ عنها, إذا ما قُورنتْ بالدِّراسات النَّقْدية الأخرى, الأمر الذي يحتاجُ من الباحثين خوضَ غِمَارِ هذه التَّجربة, متسلحين ـ في الوقت نفسه ـ بالآراء النَّقديةِ القديمةِ والحديثةِ؛ في ظلِّ المناهج العصرية, ذلك أنَّ دراسةَ العتباتِ في هذا الوقتِ ستُعيد صياغةً أخرى للشِّعرية؛ لأنَّ الشِّعرية تتغيرُ وتتطورُ وفق تغير وتطور المكان والزمان, وكلما تقدَّمتْ الدِّراساتُ النَّقديةُ تقدَّمَتْ معها الشِّعريةُ, وهي موضوعُ العتبات. فبعد أن عجزت البلاغةُ القديمةُ عن مسايرةِ النصوصِ وتفسيرها أصبحت الشِّعريَّةُ هي الملاذُ الآمن لمعرفة السُّـبلِ التي تساعدُ على فكِّ طلاسم النصوص وعتباتها. ليس ذلك فحسب, بل إنَّ جلَّ الدراسات التي تناولت عتبات النصوص في العصر الحديث كانت في الغرب الأمر الذي تطلب من الباحث ترجمتها وأخذ أجزاء منها للتدليل على ما يقول, لإثبات أو نفي بعض النظريات, وهو ما مثَّل بعض الصعوبات.

وقد ذكر الباحث في المقدمة أسباب اختياره لهذا الموضوع والدراسات السابقة عليها, ذلك أن دراسة العتبات أصبحت أمراً ضرورياً, خاصة مع وجود الشعرية, والتي تجلت في النصف الثاني من القرن الماضي بعد أن عجزت البلاغة القديمة عن مسايرة النصوص وفك طلاسمها, فأصبحت الشعرية هي موضوع العتبات. وضمت المقدمة كذلك الاتجاه النقدي وهو الاتجاه السيميولوجي؛ ذلك الاتجاه الذي يختصُّ بعلم الإشارات والعلامات؛ وهو من أنسب المناهج التي يمكن استخدامها في مثل هذه الدراسة؛ ذلك أن السيميولوجيا تبحث العلامات في الحياة الاجتماعية وغيرها, ومن هنا جاء الاهتمام بذلك الاتجاه النقدي, الذي ساعد في معرفة حياة العلامات والإشارات في عتبات النصوص, والتي تمثلت في العنوان, الغلاف, المقدمة, التنويه, التمهيد, الخاتمة, الهوامش, التذييلات, التنبيهات, تعليق الناشر..
وقد اختارت الدراسة  مجموعة من الروائيين من أقطار عربية مختلفة, ومن هؤلاء, جمال الغيطاني في دفاتر التدوين" نثار المحو " ليلى العثمان في  "صمت الفراشات". واسيني الأعرج في "سيدة المقام" و"طوق الياسمين" رضوى عاشور في " قطعة من أوربا " وبهاء طاهر في  "واحة الغروب". وفاضل السباعي في رواية " الطبل ". وكان لاختيار هذه النخبة أنها ممن نالوا جوائز مرموقة في العمل الروائي, وأن بصماتهم واضحة في العالم العربي.
و جاء التمهيد لكي يمهَّد للموضوع من ناحية تبيان العتبات في النقد القديم والحديث, وللتدليل على احتفاء العرب قديماً بعتبات النصوص, كما هو الحال عند المقريزي , والكلاعي وأبي بكر الصولي وغيرهم, وتناولت الدراسة  إشكالية المصطلح وأسباب عدم تعريبه تعريباً متفقاً عليه, وكيف أنه لا بد من أن تكون هناك مؤسسة علمية عربية ترعى ترجمة تلك المصطلحات الجديدة على اللغة, نحو مصطلح le paratxte , والذي ترجم إلى النص الموازي. وقد تناولت الدراسة تعريفات العتبات عند معظم النقاد في العصر الحديث, واستخلصت تعريفاً خاصاً بها, وهو أن عتبات النصوص هي مجموعة من النوافذ والتنبيهات, والخادمات, والمنطلقات والإضاءات والمقدمات التي تفضي إلى نتائج حتمية؛ نتيجة التلاقح بينها وبين النص, وهي أيضاً الرسائل التي تطوف باستمرار حول جسد النص؛ محدثة به تغيير. هذا التغيير تحكمه المقاربات التفسيرية لتلك العتبات, وما يقوم به المتلقي من فك شفراتها.
وتأتي فصول الدراسة ومباحثها بعد التمهيد؛ فالفصل الأول حمل عنوان " العنوان" لتقوم الدراسة بمعرفة المعنى المعجمي عند كل عنوان رواية وإشارة ذلك العنوان ووظيفته وعلاقته بالمقاطع السردية. وكيف أن العنوان هو بوابة العمل الروائي, فمن خلاله تُفتح أبواب النص المغلقة, وتُستقى بعض المعلومات الخاصة بالعمل الروائي, ومن خلاله أيضاً ًيُنَفّض الغبار عنه, فهو الشارح لما يدور من أحداث داخل الرواية, وهو القادر على احتواء العمل بأكمله من خلال مخزونه الاقتصادي فالقارئ يبدو أحياناً مبهوتاً بالعنوان, ولكن حينما يعرف مقصدَه وإشاراتِه ووظيفتَه ينفرج ذلك البهوت, حتى ولو لم يرتبط بالعمل, أي أن يحمل العمل عنواناً لا يمت للعمل بصلة؛ لأن العنوان هو أول ما يواجه المتلقي من العتبات التي تحمل له مزيداً من الثقافة العنوانية, والتي تفتح له بعض الأفق الخاصة بالعمل الإبداعي فكل عنوان هو  مرسلة massage صادرة من مرسل adress إلى  مرسل إليه Adressee, وهذه المرسلة محمولة على أخرى هي "العمل" . ومن هنا, فقد أصبح العنوان في هذه الأوقات ذا أهمية تضاف إلى أهميته الأولى وأن أهميته الحالية, تكمن في أنه أصبح متمرداً على نفسه وأراد أن يجد له مكاناً على أرفف المكتبات بعد أن كان مهمشاً فأضحى عتبة ذات أهمية من خلال وظيفته الإعلامية والإشارية والتسويقية وغيرها, ومدى علاقته بالمقاطع السردية.
 أما الفصل الثاني فقد اختص" بالإهداء " وفيه يتعرف الباحث المعنى المعجمي وإشارات الإهداء ووظيفته, وعلاقته بالرواية, ذلك أن الإهداء من العتبات التي لم تدرس من قبل. فالإهداء يشير إلى التقدير من المُهدي إلى المهدى إليه ومدى صدق المشاعر تجاه الآخر؛ سواء أكان هذا الإهداء مطبوعاً على الصفحة أو أن يقوم المُهدي بكتابته على ما يهدى به من كتاب ونحوه, وهنا أيضاً يشير الإهداء إلى الارتباط بين المهدي والمهدى له, وقد درج بعض الروائيين على تصدير رواياتهم بالإهداء المعنوي إلى أحب الناس إليهم؛ أو لمن قدم لهم معروفاً, فالإهداء أصبح عتبة للتقارب بين الكاتب ومن يُهدى له العمل, سواء أكان الإهداء عامة أو خاصاً.
وجاء الفصل الثالث حاملاً عنوان " الغلاف " وقد انصبت الدراسة على إشارة الغلاف ووظيفته وعلاقته بالرواية من خلال المقاطع السردية الواردة فيها؛ حيث إن الغلاف أصبح علامة حضارية؛ خاصة بعد دخول عصر الطباعة, وأصبحت هناك رؤية خاصة لكل فنان تشكيلي يصمم الغلاف. وقد يرتبط الغلاف بالعمل نفسه من خلال التصوير الواقعي المعبر عما في الرواية, أو أن يلجأ الفنان إلى التجريد وبالتالي توجد أغلفة لا تمتُ إلى العمل بأية صلة؛ ومن هنا فإن دراسة الفن شيء أساسي لدراسة الأدب, فهو الممهد لمعرفة الذوق, وهي الأرض التي يستطيع فيها الإنسان الأديب أن يرسم لوحاته الأدبية من خلالها, ليصبح هناك خطاب غلافي لما يحويه الغلاف من اسم المؤلف والعنوان والتشكيل الجمالي لصفحته, من خلال الرسمة التي تتصدر العمل, وبالتالي فإن الغلاف وما يحويه يضم رؤية لغوية وإشارة بصرية.
ثم يأتي الفصل الرابع والأخير والذي حاول فيه الباحث مقاربة " المقدمة والتصدير والمدخل والهوامش والتنويهات والإرشادات ووظائفها وعلاقاتها بالروايات محل البحث.