الخميس، 19 يناير 2012

قصة قصيرة


الخبيث
قصة قصيرة
استيقظت فزعاً على شيء أصاب البيت كله بذعر مخيف, دائماً ما يأتي كاللغز المحير, ولكن في هذه المرة رأته الأسرة رأي العين, علمت من صوت الجيران أنه قدم من شارع المطافئ, أو الغزالي, إنه أتى.. أسرعت الزوجة إلى التلفاز فتأكدت من الخبر فعلاً المذيع يحذر أنه قادم من بعيد وتبدو المذيعة بجواره مرتبكة خائفة على حياتها. الجيران أكدوا قرب وصوله لشقتنا التي نسكنها في الدور الثاني القريب من الأرض, خشينا أن نفتح الباب ليدخل بحيلته الخبيثة, خشينا على أنفسنا من مصائبه المتلاحقة, ففي العام الماضي مات أربعة بسببه, ومن يومها أصبح مصدر شؤم حين تأتي سيرته, لأنه القاتل الذي يُدخل الغم على الجميع. اتصل علىَّ زملائي في العمل. لا تخرج من البيت!. احذر إنه يجري في الشوارع ومعه عصابة كاملة تغتصب الأخضر واليابس. اتصلت بدوري على الآخرين... اطمأننت على الدكتور الهواري.. تيقنت أن الأمر جلل, والخطب واقع لا محالة, انتفضت من مكاني بسرعة البرق وكأن اليوم يوم القيامة تفقدت كل أفراد أسرتي. قلت لبناتي لا مدرسة اليوم. فتذمرن من كلامي واستغربن. الامتحانات... قلت ستؤجل الامتحانات. يطرق أحد الجيران الباب يا دكتور خلي بالك. لا تُخرج البنات, الحارس حذرنا إنه يطوف في الشوارع الجانبية. ذلك الشبح المخيف, يمر في المدينة , ينتشر انتشار النار في الهشيم, ذكرني بطاعون ألبيرت كامي, ومارسيل بروست, في البحث عن الزمن المفقود, والذي كان ضحية ذلك الخبيث. أحكمت نوافذ الشقة, أسرعت إلى الأنوار لأطفئها؛ حتى يعلم إذا ما اقترب منا أن البيت خاوٍ, فلا يطمع في إيذاء أحد. قالت ابنتي الكبرى يمنة بعد أن شحذت أسلحتها للخروج, تريد المدرسة, رافضة الجلوس في البيت, وفي هذا اليوم خصيصاً. قلت أنت وأختك آلاء لا تباليان بذلك الفتاك هل تعلمان ما فعله بهدى العام الماضي؟ ألا تعرفان أنها ما زالت ترقد في المشفى بسبب هجومه الشرس عليها, ولولا مجموعة من الرجال الأقوياء لماتت هي الأخرى مثل الباقيات اللاتي أراد اغتصاب أنفاسهن. حتى ابني الرضيع محمد والذي أصابه بقوة فصممت أن أخرج به لعرضه على أقرب مشفى وهو المشفى الدولي, ولكن الأطباء قد عجزوا عن معرفة ما كان يؤلمه, فحاول بعضهم تحويله دون علاج ـ وحتى لا يتحمل أدنى مسئولية ـ على مشفى آخر والذي يبعد أكثر من سبعين كيلو عن البيت, فقد خشيت على أسرتي من ذلك القادم وخشيت على محمد, فماذا أفعل, قررت أن أقحم الصعاب, نزلت من الباب الخلفي حتى لا يراني إذا ما جاء من الباب الأمامي استقليت سيارتي بسرعة البرق, وحين وصلت إلى ذلك المشفى المجاور لمدينة الأحرار, علمت بأنه يتبعني بكل ما أوتي من قوة, صدمت من شكله الكئيب دخلت المشفى بسرعة لأعالج ابني مهما يكن من أمر, ولكن الطبيب أحبطني حين أكد على عدم وجود دواء له. فقدت الأمل في كل شيء. عدت إلى سيارتي دون عابئ بما يلاحقني, توكلت على رب السماء, لم أخش هذا الذي يطاردني, عدت إلى منزلي والذي تركت فيه بناتي لأجد عصابته قد نسفت البيت من أوله إلى آخره لم يترك مكاناً في الشقة إلا واحتلها وقضى على من فيها. فوقفت حزيناً... مبهوتاً.. ما تبقى هو أمر خطير... فكرت في الأمر كثيراً ... ما الحل......كيف أقوم بمسح هذا الغبار وأفتح النوافذ .
                                                         بقلم
                                                  عزوز علي إسماعيل
                                                   

هناك تعليقان (2):